الغوص في عتمة إميل سيوران: اقتباسات غير تقليدية
حين تقترب من عالم الكاتب والفيلسوف الروماني-الفرنسي إميل سيوران، تشعر وكأنك تدخل كهفًا عميقًا، قد يبدو مظلمًا وموحشًا في البداية، لكن كلما توغلت فيه، بدأت تلمح ومضات من نور غريب، نور ينبع من قلب العتمة ذاتها. اقتباسات إميل سيوران ليست كأي اقتباسات أخرى؛ إنها شظايا من روح قلقة، تأملات لاذعة حول عبثية الوجود، وثقل الوعي، وجاذبية اليأس التي قد يجد فيها البعض نوعًا من العزاء الصادق. سيوران ليس كاتبًا للمتفائلين السذج، بل هو رفيق الأرواح التي أرهقتها الأسئلة، والتي تجد في اعترافه الصريح بمرارة الحياة نوعًا من التحرر.

ما يجعل اقتباسات إميل سيوران ذات تأثير فريد هو ذلك المزيج النادر بين التشاؤم العميق والجمال اللغوي الأخاذ. إنه يكتب عن الأرق، الملل، عدم جدوى الفعل، والرغبة في عدم الوجود، بأسلوب شاعري يجعلك تتوقف وتتأمل، حتى لو كنت لا تتفق مع جوهر ما يقول. قد تبدو كلماته قاسية، لكنها تحمل في طياتها صدقًا جارحًا، دعوة لمواجهة الحقائق التي قد نهرب منها، وتحديًا للأوهام التي نتشبث بها.
في هذه المقالة، لن نقدم لك مجرد قائمة من اقتباسات إميل سيوران، بل سنحاول أن نأخذ بيدك في رحلة استكشافية لهذا الفكر الاستثنائي. سنتعمق في أبرز المحاور التي شغلت باله، ونتوقف عند تلك الأقوال التي أصبحت علامات فارقة في أدب اليأس والفلسفة الوجودية. سنضيف أيضًا جواهر أخرى من كتاباته، لتكون هذه الصفحة بمثابة دليل لمن يجرؤ على مواجهة “الجانب الآخر” من الحياة، وليجد ربما، كما وجد الكثيرون، نوعًا من السلوى الغريبة في كلمات هذا “الفيلسوف العدمي” الذي لم يكف عن عشق الموسيقى والشعر.
نبذة عن إميل سيوران: فيلسوف الأرق وسيد التشاؤم الأنيق
قبل أن نغوص في بحر اقتباسات إميل سيوران، دعنا نتعرف قليلاً على هذا المفكر الفريد. وُلد إميل سيوران في رومانيا عام 1911، وعاش معظم حياته في باريس، حيث كتب باللغة الفرنسية بعد أن هجر لغته الأم. عُرف عنه معاناته المزمنة مع الأرق، وهو ما شكل جزءًا كبيرًا من فلسفته وتأملاته حول الوعي والزمن والوجود. يُعتبر سيوران من أبرز المفكرين الذين تناولوا موضوعات العدمية، اليأس، الغربة، و”مشكلة أن تكون مولودًا”.
اقرأ أيضا: اقتباسات وأقوال للأديب الأمريكي تشارلز بوكوفسكي
لم يكن سيوران يسعى لتقديم نظام فلسفي متكامل، بل كان يفضل الكتابة الشذرية، المقالات القصيرة، والأقوال المأثورة التي تكثف أفكاره ببراعة لغوية مذهلة. من أشهر أعماله “على ذرى اليأس”، “تاريخ ويوتوبيا”، “المياه كلها بلون الغرق“، و”مثالب الولادة“. ورغم سوداوية كتاباته، فإنها تحمل سخرية لاذعة وجمالاً سوداوياً يجذب القراء الذين يبحثون عن فكر لا يجامل ولا يهرب من مواجهة الحقائق القاسية.
أقوال إميل سيوران عن اليأس، العدمية، وعبثية الوجود في اقتباسات إميل سيوران
اليأس ليس مجرد شعور عابر عند سيوران، بل هو حالة وجودية، رؤية للعالم. اقتباسات إميل سيوران هنا تكشف عن هذا اليأس العميق، وعن إدراكه لعبثية كل محاولاتنا لإيجاد معنى مطلق.
لا أقاوم العالم ، أقاوم قوة أكبر ، أقاوم تعبى من العالم.
إذا حزنت مرّة دونما سبب، فثق أنّك كنت حزينًا طيلة حياتك دون أن تعرف.
أنا أستقيل من الإنسانية. لم أعد أريد أن أكون, ولم أعد قادرا على أن أكون.
الرغبة في الموت كانت همي الأوحد والوحيد ، في سبيله ضحيت بكل شئ ، حتي بالموت.
على المتشائم أن يخترع كل يوم أسباباً أخرى للإستمرار فى الوجود: إنه ضحية من ضحايا (معنى) الحياة.
لا ينتحر إلا المتفائلون، المتفائلون الذين لم يعودوا قادرين على الإستمرار فى التفاؤل. أما الآخرون، فلماذا يكون لهم مبرّر للموت وهم لا يملكون مبرّراً للحياة ؟
كل أفكارنا مرتبطة بمصائبنا. إذا كنا نفهم بعض الأشياء فإن الفضل في ذلك يعود إلى انتكاس صحتنا فقط.
مخافة أن نتعذب، نبذل قصارى جهدنا كى نلغى الواقع، و ما أن نفلح فى ذلك حتى يتحول هذا الإلغاء نفسه إلى مصدر عذاب.
الواقع يصيبني بالربو.
كنت قويًا جدًا، ثم قويًا، ثم أقل قوة، ثم بلا قوة، ثم منهكًا، ثم بدأت أشعر بالضعف، ثم أصبحت ضعيفًا، ثم أقل ضعفًا، ثم هشًا، ثم قاسيًا كالموت.
سر تكيفى مع الحياة؟ أنى أغيّر اليأس كما أغيّر القميص.
الوظيفة الوحيدة للذاكرة تكمن في مساعدتنا على الندم.
الجهل وطن والوعي منفى.
الحزن شهية لا تشبهها أي مُصيبة.
المزعجُ في اليأس أنّه بديهيّ ومُوَثَّق وذو أسباب وجيهة: إنه ريبورتاج. والآن أمعِنوا النظر في الأمل. تأمّلُوا سَخاءَهُ في الغشّ، رُسُوخَهُ في التدجيل، رفضَه للأحداث: إنّه تيه وخيال. وفي هذا التيه تكمن الحياة ومن هذا الخيال تتغذّى.
الوعي لعنة مُزمنة, كارثة مَهولة, إنهُ منفانا الحقيقي, فالجهل وطن, والوعي منفى.
مهمتي ان اقتل الوقت, والوقت بدوره يقتلني, كم هو مريح ان تكون بين عديد من القتلة.
لا أحد إقتنع مثلي بتفاهة كل شيء، ولا أحد تعامل مثلي بمأساوية مع كل هذا العدد الهائل من الاشياء التافهة.
من بين كل ما يعذبنا ، لا شيء مثل الخيبة يمنحنا الإحساس بأننا نلمس أخيراً ما هو حقيقي.
الحياة مهزلة يجب أن نؤدي دورنا فيها بجدية زائفة، وإلا فكيف نتحملها؟
كل صباح هو إهانة جديدة للوعي، تذكير بأننا ما زلنا هنا.
أن تكون قد فهمت كل شيء هو بداية الكارثة، بداية اليأس الذي لا قرار له.
اقرأ أيضا: اقتباسات وأقوال خالدة لفرانز كافكا عن الأرق، العبثية، والحياة
اقتباسات وأقوال إميل سيوران عن الملل، الأرق، وثقل الوعي الذي لا يرحم
الملل والأرق ليسا مجرد حالات عابرة عند سيوران، بل هما جزء من كينونته، نافذتان يطل منهما على خواء الوجود وثقل الوعي المستمر. اقتباسات إميل سيوران حول هذه المواضيع تكشف عن صراع داخلي مرير.
تقضي الليل في رفع جبالٍ بحجم الهيمالايا ، وتسمي ذلك نوماً.
اختفت بهجة العيش مع حلول الضجيج، كان على العالم أن ينتهي منذ خمسين سنة، بل سيكون أفضل لو انتهى منذ خمسين قرناً.
كفوا عن سؤالي عن برنامجي: أن أتنفس أليس برنامجًا كافيًا ؟
المللُ يصنع المعجزات ، حين نتعلم كيف نغترف من الفراغ ملء اليدين.
الأرق هو شكل البطولة الوحيد الذي يتناسب مع الفراش.
أول شيءٍ ينبغي القيام به عند الإستيقاظ من النوم، هو الخجل من أنفسنا.
ليست لدي أفكار، لدي هواجس فقط. الأفكار لم تتسبب في ذبول أحد قط.
ما بك ؟ – قُل لى ما بك ؟ أنا بخير ، أنا بخير ، كلُّ ما في الأمر أنّي وَثَبْتُ إلى خارجِ مَصِيرِي ، وها أنا لا أعرف ُ الآن إلى أين أَلتَفِت وفي أيّ اتّجاهٍ أَركُض.
إن الأرق وعي مدوخ قادر علي تحويل الفردوس إلي غرفة تعذيب.
الساعة هي ، على نحو أبديّ ، ويوماً بعد يوم ، الثالثة فجراً.
الأرق ليس مجرد غياب النوم، بل هو حضور مكثف للذات، مواجهة لا مفر منها مع خواء الأفكار.
الملل هو الدوار الذي نشعر به أمام لا نهائية الزمن الفارغ.
الوعي نعمة ونقمة، يفتح أعيننا على الجمال والعبث معًا، ولكن رؤية العبث تطغى دائمًا.
أقوال إميل سيوران عن العزلة، الاغتراب، ورفض الانتماء لأي قطيع
شعر سيوران باغتراب عميق عن العالم وعن البشر، واختار العزلة كحصن وكمصير. اقتباسات إميل سيوران عن هذا الشعور تكشف عن نفس حساسة تجد صعوبة في التكيف مع ما هو سائد.
أينما ذهبت يصاحبني الإحساس ذاته بعدم الإنتماء، أنا كائنٌ لاوطن له على هذه الأرض.
سأكتب على مدخل منزلي كل زيارة هي اعتداء أو ارحموني لا تدخلوا أو كل الوجوه تقلقني أو ملعون من يطرق الباب.
كلما ازدادت لا مبالاتى بالبشر تضاعفت قدرتهم على التأثير فىّ، و مهما احتقرتهم فإنى لا أستطيع الإقتراب منهم إلا متلعثماً.
لا يستطيع أحد أن يحرس عزلته إذا لم يعرف كيف يكون بغيضاً.
ان نعيش حقا يعني ان نرفض الاخرين ، فالقبول بهم يتطلب التخلي عن الاشياء ، كبح جماح الذات ، التصرف ضد الفطرة ، اضعاف النفس . نحن لانتصور الحرية الا لأنفسنا ولانبسطها على القريبين منا الا بشق النفس.
تاريخ الأفكار هو تاريخ ضغينة اللائذين بالعزلة.
لا يهتّم بي إلاّ من كان به بعضٌ من مس.
تُشبعني الوحدة إلى حدّ أنّي أرى في أقلّ المواعيد شأنًا عملية صَلْب اعترافات ولعنات.
حذارِ ممن يُعرِضون عن الحبِّ و الطموح والمجتمع ، فلا شكَّ أنهم سيثأرون لتخلّيهم عن كل ذلك.
العزلة ليست اختيارًا دائمًا، بل هي أحيانًا النتيجة الحتمية لفرط الحساسية تجاه العالم.
كلما اقتربت من الناس، شعرت بمدى بعدي عنهم، وعن نفسي أيضًا.
أن تكون وحيدًا هو أن تكون حرًا بشكل مرعب.
اقتباسات وأقوال إميل سيوران عن الكتابة، الموسيقى، واللغة كوطن أو منفى أخير
وجد سيوران في الكتابة والموسيقى نوعًا من الملجأ، وربما وسيلة لتحمل عبء الوجود. اللغة بالنسبة له كانت وطنًا ومنفى في آن واحد. اقتباسات إميل سيوران هنا تكشف هذه العلاقة المعقدة.
لا يسكن المرء بلادا، بل يسكن لغة. ذلك هو الوطن ولا شيء غيره.
لما كنت قد ولدت بروح عادية ، فقد طلبت روحاًأخرى من الموسيقى.
على الكتاب الحقيقي أن يُحرٍّك الجراح، بل عليه أن يتسبّب فيها. على الكتاب أن يُشكِّل خطراً.
بالنسبة إلى من استنشق الموت , كم هي مؤسفة روائح الكلمة.
بئس كتاب نستطيع قراءته دون التساؤل طيلة الوقت عن المؤلف.
الكتابات الوحيده التي تستحق أن تُكتب، هي تلك التي يكتبها أصحابها دون أن يفكروا في القراء ودون أن يفكروا في أي جدوى أو مردود.
الكتاب الذي يقوّض كل شيء ثم لا يقوّض نفسه بعد ذلك، هو كتاب قد أغاظنا دون جدوى.
بالشعر كما بالموسيقى ، نلامس شيئا ما ، جوهريا ، وفي الشعر يستبعد الزمن فإذا أنت خارج الصيرورة ، الموسيقى والشعر غيبوبتان متساميتان.
لا مصادر للكاتب أفضل من أسباب إحساسه بالعار . الكاتب الذي لا يكتشف في ذاته أسبابً للشعور بالخزي أو يتهرب من هذه الأسباب, ليس أمامه إلا السرقة والنقد.
لا يكتبُ المرء لأنّ لديه ما يقوله بل لأنّه يريدُ أن يقولَ شيئًا.
الكتابة هي طريقتي في الصراخ بصمت.
الموسيقى هي الدليل الوحيد على أن الزمن يمكن أن يكون جميلًا، حتى وهو يمضي بنا نحو الفناء.
أكتب لأتخلص من أشباحي، لكنها تعود دائمًا في هيئة كلمات جديدة.
اقرأ أيضا: اقتباسات وأقوال عميقة وفريدة للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي
أقوال إميل سيوران عن الموت، الانتحار، والرغبة في التحرر من عبء الولادة
الموت وفكرة الانتحار حاضران بقوة في فكر سيوران، ليس كدعوة للفعل، بل كتأمل فلسفي في “مشكلة أن تكون مولودًا” والرغبة في التحرر من هذا العبء. اقتباسات إميل سيوران حول هذا الموضوع صادمة وصادقة.
إن بلوغي البويضة من بين ٨٠ مليون حيوان منوي، لا يعني بالضرورة انني قوي بقدر ما يعني أنني الغبي الوحيد الذي وقع في الفخ، المحظوظون في الحقيقة هم الذين لم يصلوا إلى البويضة.
لماذا ننسحب ونغادر اللعبة مادام في وسعنا أن نخيب ظن المزيد من الكائنات.
الحياة , هدية يقدمها للأحياء أولئك المهووسون بالموت.
الموت نكهة الوجود. وحده يسبغ مذاقاً على اللحظات، وحده يقاوم تفاهتها. نحن مدينون له ، بكل شيء تقريباً. هذا الاعتراف الذي نزداد إنكارا له، هو أفضل تعزية لنا في الحياة الدنيا.
لا أحيَا إلاّ لأنّ في وسعي الموت متى شئت ، لولا فكرة الانتحار لقتلتُ نفسي منذ البداية.
إذا كانَت كتبُي كئيبة، فذلِك لأنِني أبدأ بالكتابة حين تكُون لديّ رغبة بإطلاق رصاصَة على نفسِي.
أولئك الأبناء الذين لم أرغب في مجيئهم ، ليتهُم يُدركون السعادة التي يدينون لي بها.
فكرة الانتحار هي الشيء الوحيد الذي سمح لي بالاستمرار في العيش.
أن لا تكون قد ولدت، تلك هي السعادة المطلقة التي فاتتنا جميعًا.
الموت هو الراحة الكبرى، المشكلة هي كيف نصل إليه دون أن نسبب الكثير من الضجيج.
تأملات إميل سيوران الساخرة في الإنسان، المجتمع، وسخافة التاريخ
يتميز أسلوب سيوران بسخرية لاذعة، يوجهها نحو الإنسان، المجتمع، وحتى التاريخ. اقتباسات إميل سيوران هنا تكشف عن نظرته النقدية الثاقبة.
آراء نعم، قناعات لا؛ هذا هي نقطة البدء للكبرياء الفكري.
أرجوك توقف عن ادِّعاء المثالية..ولو كنت فعلاً بهذه الروعة فتوقّف عن الحياة، لأنَّ هذا المكان ليس لك.
لو كانت لي شجاعة كافية، كل يوم، كي أصرخ ربع ساعة، لتمتعت بتوازن كامل.
قبل أن تولد الفيزياء والبسيكولوجيا بكثير, كان الألم يفتت المادة وكان الحزن يفتت الروح.
لا وجود إلا لعلامة واحدة تشهد على أننا فهمنا كل شيء : أن نبكي بلا سبب.
اعتراض على العلم : هذا العالم ” لا يستحق ” أن نعرفه.
الموسيقى هي ملجأ الأرواح التي جرحتها السعادة.
لا يشعر الآخرون أنهم دجالون ؛ ومع ذلك فهم كذلك؛ أنا … دجال مثلهم تماما، لكنني أدرك ذلك و أتألم منه.
في ذروة تقززنا، يبدو كأن فأرًا قد تسلل إلى دماغنا ليحلم.
غموض: كلمة نستعملها لخداع الآخرين، لإيهامهم بأننا أكثر عمقاً منهم.
لا نعرف حجم قوتنا الخاصة إلا متى تعرضنا للإهانة.
ثمة في البلادة مقدار من الجدّ , لو وُجه بشكلٍ أفضل , لأمكن له أن يُضاعف محصولنا من الروائع.
حذارِ من المفكرين الذين لا تعمل عقولهم إلا انطلاقًا من الاقتباس.
كلما كان العقل في خطر ، أحس أكثر بالحاجة إلى أن يبٌدو سطحياً ، أن يتٌخذ مظهر الخفة ، أن يضاعف سوء الفهم في ما يخٌصه.
ما من شيء إلا وهو يضطهد أفكارنا، بدءًا من دماغنا نفسه.
تائهًا في الضبابِ , أتعلّق بأدني أسى كأنه حبل نجاة.
مع التقدم فى السن يتعلم المرء مقايضة مخاوفه بقهقهاته.
إن حبًا يخيب هو محنة فلسفية تملك من الثراء مايتيح لها آن تخلق من حلاق نظيرًا لسقراط.
يكمن الفرق بين الذكاء والغباء فى طريقة التعامل مع النعت (الصفة) , ذلك ان استخدامه من غير تنويع هو الذى يؤدى الى ابتذاله.
من أين جاءتك ملامح الزهو هذه ؟ لقد أفلحتُ في البقاء حيًا كما ترون، على الرغم من ليال و ليالٍ عشتها اسأل إن كنت سأقتل نفسي عند الفجر.
يا لها من حيرة حين نكون غير واثقين من شكوكنا فنتساءل : هل هي حقًا شكوك.
لكلٍ جنونه، و قد تمثّل جنونى فى أن أعتبر نفسى سوياً، سوياً بشكلٍ خطِر، و لما كان الآخرون يبدون لى مجانين، فقد انتهى بى الأمر إلى الخوف منهم، و إلى الخوف منّى أكثر.
من حيثُ أتيت لم يعد بإمكاني القول : في المعابد أنا بلا إيمان ، في المدن بلا حماسة ، ضِمن نوعي بلا فضول ، على الأرض بلا يقين.
ما الندم أو تبكيت الضمير ؟ إنه الرغبة في أن يجد المرء نفسه مذنبًا .. في أن يلتذ بتمزيق نفسه .. في أن يرى نفسه ويحسها أسود مما هي في الواقع.
العقل هو المستفيد الكبير من هزائم الجسد. يثري على حسابه, يسلبه , يهلل لمآسيه , يعيش على اللصوصية ؟ ، الحضارة مدينة بنجاحها لقاطع طريق.
ما من طريق اقصر الى الفشل في الحياة من دون ان تقتحم الشعر بلا دعم من الموهبة.
أن تكون إنسانًا حديثًا هو أن تبحث عن عقار لما أفسده الدهر.
بحذرٍ شديد أحوم حول الأعماق , أختلس منها بعض الدوار ثم انفلت مثل لص الأغوار.
ما من صداقة تتحمل مقدارًا مبالغًا فيه من الصراحة.
لم نعد راغبين في تحمل تبعات ” الحقائق “.
اقرأ أيضا: ليو تولستوي كما لم تقرأه من قبل: اقتباسات وأقوال رائعة
عندما كنت شاب ، كانت لذتي في خلق أعداء لا تعادلها لذة. أما الآن، فما أن أكسب عدوى تكون فكرتي الأولى هي التصالح معه كي لا أنشغل به… امتلاك أعداء مسؤولية كبيرة.
دون شكّنا في أنفسنا تغدو شكوكيّتنا كلمة ميّتة , حيرة مبتذلة , مذهبًا فلسفيًا.
تُرى , هل يُمكن للإنسان أن ينهض بعد أن سدد للحياة ضربته القاضية ؟
أفضل طريقة للتخلص من العدو هي أن تمدحه أينما حللت. سوف ينقلون إليه ذلك فلا تبقى لديه قوة لإزعاجك؛ لقد حطّمت قوته ، سوف يواصل حملته ضدك دائماً لكن دون صرامة وبأس، إذ يكون قد كف لاشعورياً عن كرهك، لقد هُزم وهو يجهل هزيمته.
لستُ ذلك الذي يعاني في العالَم، بل العالم يعاني في داخلي.
كل الرجال لديهم الخلل ذاته: إنهم ينتظرون ليعيشوا ، لأنهم لم يستمدوا الشجاعة من كل لحظة. لما لا يُستثمر القدر الكافي من الشغف في كل لحظة ليُجعل منها أبدية ؟
مَزِيَّتِي لا تتمثّلُ فى أنّني عديم الفعاليّة بشكل كامل ، بل تتمثّل فى أنّي أردتُ ذلك.
ثمة راهب وجزار يتشاجران داخل كل رغبة.
لا أكون نفسي إلا إذا كنت فوقي أو تحتي, في ذروة الغضب أو في ذروة الإحباط. حين أكون في المستوى العادي لنفسي أجهل أني موجود.
امتقاع لوننا يرينا إلى أي حد يمكن للجسد أن يفهم الروح.
وحدها العقول السطحية تتقدّم من الفكرة بلطف.
الفكر الذي يتحرّر من كلّ تحيّز، هو فكرٌ يتفكك محاكياً تناثُرَ الأشياء التي يريد الإمساك بخا ومحاكياً عدمَ انسجامها. بأفكار سائلة نحن نتمدد على الواقع ونعانقه دون أن نفسّره. وهكذا ندفع غالياً ثمن النظام الذي لم نرغب فيه.
أحزاننا تمتد كاللغز الذي تشي به ابتسامة المومياوات.
حينما كانت البشرية فى بداياتها تتمرن على الشقاء لم يتصور أحد أنها ستقدر يوما على انتاجه فى شكل مسلسل.
في كل إنسان ينام نبيّ. عندما يستيقظ يكون الشر قد زاد قليلاً في العالم.
تأتي أحقادنا كلها من بقائنا تحت مستوى ذواتنا وعدم قدرتنا على اللحاق بها وهذا لن نغفره أبدا للآخرين.
الشكوكية التي لا تُساهم في مدار صحتنا ليست سوى رياضة ذهنية.
أزعم أنّي بارعٌ في تبيّن السمة العابرة لكلّ شيء . يا لها من براعة أفسدت عليّ كلّ أفراحي ، وأكثر من ذلك : كلِّ أحاسيسي.
لا يعتني بالأمثال و الأقوال المأثورة إلا من عرف الرعب وسط الكلمات.
فن الحُبّ ؟ أن تعرفَ كيف تجمع طبيعة ممتصّ دماء إلى تخفّي فراشة.
لا يسحرنا إلا الفنان اللامُتحقق .. المهزوم الذي يرضى لخيباته أن تهدر .. الذي لا يعرف كيف يستثمرها.
يا لكمية التعب التي ترتاح في دماغي.
الطريقة الوحيدة لمواجهة الخيبات المتوالية ، هي أن يعشق المرء فكرة الخيبة نفسها. إذا أفلح المرء في ذلك؛ لا يعود يفاجئه شيء، يسمو فوق كل ما يحدث، يصبح الضحية التي لا تقهر.
لا خلاص إلا في محاكاة الصمت.
في هذه اللحظة تحديداً ، و في كل مكان تقريباً ، ثمة آلاف و آلاف يحتضرون ، بينما ابحث سدى, متشبثاً بقلمي ، عن كلمة للتعليق على احتضارهم.
هناك نوعان من العقل:النهاري والليلي. لا يتشابهان في النوعية ولا في الأخلاقية.
في التخلص من الحياة حرمان من سعادة السخرية منها. هذا هو الرد الوحيد على من يخبرك ، بأنه يرغب في التخلص منها.
كم هو مُحزنٌ أنرى أمما كبيرة تتسول قدرًا إضافيا من المستقبل.
الجحيم : لا يقل دقة عن محضر جلسة.
قاعدة ذهبية : اترك صورة ناقصةً عنك.
نحو حكمة نباتية: أجحد كل مخاوفي مقابل ابتسامة شجرة.
ماذا تفعل يا سيدي من الصباح إلى المساء ؟ أتحمل نفسي!
أسوأ ما قد يُصيب الإنسان أن يفقد شهيته في القول، في الضحك، في إظهار ردات الفعل، أسوأ ما قد يُصيبه أن يموت حياً.
أربعون ألف سنة من لغة الإنسان , ولا يمكنك أن تجد حرفاً واحداً يصف الشعور الذي بداخلك تماماً.
تعيش عمرك وأنت تكتشف كل يوم شيئا جديدا في نفسك ، ثم يأتي من يقولُ لك : ” أنا أعرفك جيدا “.
مِن أجل نشوة لا تتعدى تسع ثوان ، يُولد إنسان يشقى سبعين عاماً.
على المرء عندما يبلغ عمرا معينا، أن يغير اسمه ويلجأ إلى مكان مجهول لا يعرف فيه أحد ، ولا يخشى فيه رؤية أصدقاء أو أعداء، وهنالك يعيش حياة رضية وهادية ، حياة شرير منهك.
اقرأ طوال الليل والنهار، التهم الكتب -تلك الحبوب المنومة- ليس لتعرف، إنما لتنسى.
بعد تجارب معينة ينبغي علينا تغيير أسمائنا ، لأننا لم نعد نحن.
هل أبدو كشخص لديه ما يفعله هنا على كوكب الأرض؟ هكذا أحب أن أجيب الفضوليين الذين يستفسرون عن نشاطاتي.
الالتزام بالمواعيد تنويع على “جنون الوسواس”. لأجل الوصول في الموعد المحدد قد لا أتورع عن ارتكاب جريمة.
عندما ينبح كلب واحد لرؤية شبح، يتولى عشرة آلاف كلب مهمة تحويل ذلك الشبح إلى حقيقة.
رؤيتي للمستقبل، هي من الدقة بحيث لو كان لي أطفال لخنقتهم على الفور.
لدي كل ما لدى البشر من عيوب، ورغم ذلك أجد أن ما يفعلونه غير لائق.
أتّخذُ قراراً وأنا واقف ؛ أتمدّدُ فأُلغيه.
نتحمل بعضنا البعض لأننا جميعاً دجالون، والإنسان الذي يرفض الكذب سيرى الأرض تنكمش تحت قدميه .. نحنُ مدفوعون بايولوجياً لأن نكون مخادعين.
مثخنون بالأمل ننتظر ، كلنا لا نزال ننتظر ، والحياة كلها ليست سوى تجسيد الانتظار.
ختمت أمي رسالتها الأخيرة لي قائلة : بغض النظر عما يقوم به الإنسان , فسيأتي اليوم الذي يندم فيه على ما قام به عاجلاً أم آجلاً.
إذا كان الإنسان ينسى بهذه السهولة أنه ملعون، فلأنه كذلك منذ البداية.
ثمة تجارب لا يمكن للمرء أن ينجو منها ، بعد كل واحدة منهن يشعر بأنه لم يبق أي معنى في أي شيء.
المجتمع ليس مرضا .. انه مصيبة , أي معجزة حمقاء تمكّن الإنسان من العيش فيه.
سنواتٌ وسنوات للاستيقاظ من ذلك النوم الذي يسترخي فيه الآخرون، ثمّ سنوات وسنوات للفرار من تلك اليقظة.
أردت ببساطةٍ أن أنبهك إلى أن هذا العالم الذي لا روعة فيه، يمكن بشكلٍ ما أن يُصبح رائعًا حقًا.
توجد كآبتان؛ الأولى يعالجها الدواء، والثانية تلازمنا: إنها الأنا في مواجهة ذاتها إلى الأبد.
من أنت ؟ أنا إنسان يزعجه كل شيء..أريد عدم الإزعاج..عدم الاهتمام بي..أجهد كي أجعل الآخرين لا يعيرونني أي انتباه. و مع ذلك..لا فائدة.
مع نظرة للحياة شبيهة بهذه التي أملك ، أي شخص غيري كان ليقتل نفسه ، أشعُر بالتقدير تجاه نفسي حين أفكر أنني تحملت.
بضعة أجيال أخرى ويغدو الضحك الذي هو حكر على بعض النخبة، مستعصيا على الممارسة تماما مثل النشوة.
كلما مر الزمن إزدادت قناعتي بأن أعوامي الأولي كانت فردوساً.
خلال حيوات عديدة عشناها كم من مرةٍ وُلدنا عبثًا ومتنا عبثًا اعترافات ولعنات.
أعيد بناءَ نفسي من الداخل، أنا الغريبُ وأنا المسافر، وأنا العائد وأنا المستمر مع نفسي حتى النهاية.
أنا لستُ جُزءاً من هذا العالم البشري ، أنا أعيشُ فى عالم آخر .. ولكي أعيشُ في ذلِك العالم ، فإن ذلك يحتاجُ مني إلي إرادة غيرُ عادية لكي لا أستسلم لإغراء الإنتحار.
الأوراق الأخيرة تسقط متراقصة , لا بد من جرعة كبيرة من فقدان الحس كي نواجه الخريف.
خوف المرء من أن يتم خداعه هو النسخة المبتذلة من البحث عن الحقيقة.
الألم يجعلك تعيش الزمن في تفاصيله، لحظة لحظة ، فلا حاجة إلى التساؤل عما إذا كان ، موجوداً بالنسبة إليك! إنه ينزلق على الآخرين، على الذين لا يتألمون؛ لذلك يمكن القول إنهم لا يعيشون في الزمن، وربما لم يعيشوا فيه قط.
لقد أفرطتُ في استخدامِ كلمة” اشمئزاز”. لكن من سواها تسعفني في الإشارةِ إلى حالةٍ لا ينفكُ فيها الإعياءُ عنْ إزاحةِ الغيظ، والغيظُ عنْ إزاحة الإعياء.
وبعد مرور رُبع ساعة فقط ، لا يستطيع أي شخص أن يتعامل مع يأس وإحباط إنسان آخر ، إلا بنفاذ صبر وملل.
لا نحسد إلا أولئك الذين نعرفهم جيدا ونخالطهم كثيرا والذين من المفروض أن نفرح لنجاحهم لهذا يوجد شيء ما حقير في كل صداقة ولهذا لا نحب أقربائنا إلا في الحالة التي يكونون فيها ضحايا.
نستطيع تحمل أي حقيقة مهما كانت مهلكة، شريطة أن تعوض نفس مقدار الأمل الذي تدمره.
ما أشدَّ ما كان البشر يتبادلون الكراهية في الظلمة وعفونة الكهوف! هذا ما يجعلنا نفهم لماذا لم يرغب الرسامون الذين كانوا يتعيَّشون داخل تلك الكهوف،في تخليد وجوه مَنْ يشبهونهم وفضلوا عليهم وجوه الحيوانات.
اقرأ أيضا: هاروكي موراكامي: اقتباسات وأقوال مميزه للكاتب الياباني
خاتمة: إميل سيوران .. كيف نجد ضوءًا في سوداوية كلماته؟

في ختام رحلتنا هذه مع اقتباسات إميل سيوران، قد يشعر البعض بالثقل، وربما بالارتباك أمام هذا الفيض من اليأس والتشاؤم. لكن الغوص في عالم سيوران ليس مجرد استسلام للسوداوية، بل هو، للمفارقة، تجربة فكرية وروحية قد تكون محررة للبعض. إنه يجبرنا على خلع الأقنعة، ومواجهة تلك الأسئلة التي نتهرب منها، والاعتراف بعبثية الكثير من مساعينا.
إن اقتباسات إميل سيوران، رغم قسوتها الظاهرية، تحمل في طياتها دعوة للصدق المطلق مع الذات. قد لا نجد لديه حلولاً أو عزاءً سهلاً، ولكنه يقدم لنا رفقة فريدة في لحظات الشك واليأس، شعور بأن هناك من فهم هذا “المرض الوجودي” وعبر عنه بجمال لغوي لا يُضاهى. ربما تكون القيمة الحقيقية لكتابات سيوران هي في قدرتها على تطهيرنا من الأوهام، وفي دفعنا للبحث عن معنى شخصي في عالم قد لا يكترث بوجودنا، أو ربما، في تقبل هذا اللامعنى بابتسامة ساخرة وروح متمردة.
فلتكن اقتباسات إميل سيوران التي مرت بك اليوم ليست نهاية المطاف، بل بداية لتأمل أعمق في حياتك، وفي تلك الزوايا المعتمة التي قد نخشى النظر إليها. ففي نهاية المطاف، حتى في أشد كتاباته تشاؤمًا، هناك اعتراف ضمني بقيمة الوعي، وقيمة أن تكون إنسانًا يتألم ويفكر ويتساءل، حتى لو كانت الإجابات دائمًا مراوغة أو مؤلمة.
إرسال التعليق