اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا
جبرا إبراهيم جبرا هو واحد من أبرز الأدباء العرب الذين تركوا بصمة واضحة في الأدب العربي الحديث، وعاش تجربة غنية تتراوح بين النضال والتحديات. يُعرف جبرا بأسلوبه الأدبي الفريد الذي يجمع بين الشعر والنثر، مما جعل أعماله تعكس عمق التجربة الإنسانية. اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا تُعتبر نافذة على فلسفته في الحياة والفن، حيث تعبّر عن مشاعر العزلة والأمل، وتتناول قضايا الوجود والحرية. في هذا المقال، سنستعرض بعضاً من أشهر اقتباسات جبرا ونحلل مضامينها، لنكشف عن رؤيته للعالم من حوله. سنركز أيضاً على كيفية تأثير هذه الاقتباسات على القراء وأثرها في الأدب العربي.
نبذة عن جبرا ابراهيم جبرا

وُلد جبرا إبراهيم جبرا عام 1920 في مدينة بيت لحم بفلسطين لعائلة مسيحية سريانية أرثوذكسية. أمضى سنوات طفولته وشبابه المبكر في القدس، حيث تلقى تعليمه في الكلية العربية التي كانت آنذاك مركزاً للعلم والثقافة. تلك المرحلة كان لها أثر عميق في صياغة وعيه الأول، إذ غرست فيه حباً عميقاً للأدب والفن، ووعياً متجذراً بالهوية الفلسطينية والتراث العربي.
في عام 1938، حصل جبرا على منحة دراسية أُتيحت له للدراسة في بريطانيا، حيث التحق بجامعة كامبريدج لدراسة الأدب الإنجليزي وتخرج منها عام 1943. من خلال هذه التجربة، تسنّى له التفاعل المباشر مع الإنجازات الأدبية والفنية للحداثة الأوروبية، وهو ما أسهم بشكل كبير في تشكيل رؤيته الفكرية والإبداعية القائمة على حوار متبادل بين ثقافات الشرق والغرب.
عندما عاد إلى فلسطين، كانت أجواء النكبة قد بدأت تلوح في الأفق. وبعد نكبة عام 1948 وضياع الوطن، اضطر جبرا للهجرة ليستقر في العراق، حيث وجد وطناً جديداً. أقام في بغداد التي أحبها وجعلها جزءاً مهماً من عالمه الأدبي، واشتغل هناك أستاذاً جامعياً ومسؤولاً في شركة النفط العراقية، إلى جانب لعبه دوراً مؤثراً ومحورياً في المشهد الثقافي العربي والعراقي طوال عقود.
اتسم جبرا إبراهيم جبرا بكونه مثقفاً شاملاً؛ فلم يكن مجرد روائي وشاعر مبدع فحسب، بل برز أيضاً كفنان تشكيلي موهوب وناقد أدبي وفني مرموق. وإلى جانب ذلك، كان مترجماً بارعاً قدّم للعربية العديد من الأعمال الأدبية العالمية، من أبرزها نصوص وليام شكسبير وويليام فوكنر.
رحل جبرا إبراهيم جبرا عن عالمنا عام 1994 ببغداد ودُفن فيها، تاركاً خلفه إرثاً فريداً وعميقاً يتمثل في مشروع فكري وإبداعي ما زال يثير التساؤلات ويستدعي التأمل حتى اليوم. الكلمات والأفكار التي تركها خلفه هي جزء من إرث ثقافي خالد يواصل إلهام الأجيال.
اقرأ أيضا: أروع اقتباسات محمود درويش: شاعر الوطن والإنسانية
أبرز اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا: كلمات من عمق الذاكرة والمنفى
تتميز اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا بعمقها الفلسفي، ولغتها الشعرية، وقدرتها على التعبير عن المشاعر والأفكار المعقدة. إليك مجموعة مختارة من أبرز هذه الاقتباسات، مصنفة حسب الموضوع:
اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا عن الذاكرة، الطفولة، والزمن
في الشباب نخجل من الاستغراق في الذكريات ,لأن الحاضر و المستقبل أهم وأضخم ,لكننا مع تقدم السنين يقل فينا الخجل .
نحن ألعوبة ذكرياتنا مهما قاومنا. خلاصاتها وضحاياها معاً. تسيطر علينا تحلّي المرارة، تراوغنا، تذهب انفسنا حسرات ، عن حق أو غير حق.
طفولتك تُرافقك ، لكنّها ما عادت جزءاً منك .
تمنيت لو أن للذاكرة أكسيراً يعيد إليها كل ما حدث في تسلسله الزمني ,واقعة واقعة,ويجسدها ألفاظاً تنهال على الورق.
إن الذاكرة ليست مجرد استعادة للماضي، بل هي إعادة بناء له في الحاضر.
الزمن لا يسير في خط مستقيم، بل في دوائر، وكل دائرة هي عودة بشكل مختلف لما سبق.
اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا عن الحب، المرأة، والعلاقات
حالما أفيقُ ، أفكرُ في المرأة التي أحب ، هذه رياضتي الوحيدة .
يبدأ الحب …وتتكرر البداية والنهاية في الأفق البعيد …حيث السماء تنطبق على الأرض في الأيام الصاحية ..والشمس كنار منهمرة وانا أبحث عن الظل .
كيف تقنع امرأة تحبها بأن في قلبك حبًا آخر لا يناقض حبها ؟ وبخاصة إذا كان هذا الحب الآخر مما يحتم عليك مجابهة العدو — مجابهة القتل ؟ .
إذا كان الحب أحياناً من أول نظرة، فبعض الصداقات كالحب، ينبثق عند أول نظرة .
لحظات العشق الباهظة لابد لها من ثمن باهظ، وتستحقه .
قلت لها : أنت نرجسية , اكبر نرجسية . تشتهين نفسك عن طريق مرآتي .
لماذا يسخط المجتمع على فكرة الحب ؟ لأن الحب يحفز فى المحبين كل الدوافع التى يخافها المجتمع ، و لا يبقى لرداع قيمة الروادع ، بالنسبة إلى المجتمع ، مهمة للحفاظ على هيكل العلاقات السليمة بين الناس . و لكن الحب يتجاهلها كلها و كأن المحبين فى مجابهة مستمرة لامكانية القتل أو الموت . و هذه المجابهة بالطبع تزيد من اللوعة و المتعسة ، فيزيد التصميم عليها ، و هكذا يدور المحبون فى حلقة مفرغة لا تنتهى .
الحب هو أن تجد في الآخر ذاتك المفقودة، وأن تجد ذاتك في الآخر.
اقرأ أيضا: اقتباسات وأقوال مميزة للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني
اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا عن الحياة، الموت، والوجود
يفوت الأوان دائما ..نصل متأخرين ..حيث لا يفيدنا طيران ولا أجنحة …ويغزونا الغربان .
في الصميم نحن وحيدون ،حياتنا أشبه بالعلب الصينية : علبة داخل علبة و تتضاءل العلب حجما ، الى أن تبلغ العلبة الصغرى في القلب منها جميعا ، و إذا في داخلها – لا خاتم ثمين من خواتم ابنة السلطان ، بل سر أثمن و أعجب : الوحدة .
كأنما الحياة، رغم فواجعها، بقيت نكتة هائلة لا تستحق منا بعد البكاء إلا الضحك .
الحياة هي الشجاعة المتجددة ولا يبقى للجبان الا موته المتكرر .
الجحيم الذي وصفه دوستويفسكي بالبؤس الذي يجد المرء نفسه فيه عاجزاً عن الحب .
ما عرفته قبل يومين وما تعرفه اليوم ليس واحدًا. الحياة تسيل، تجري، تسابق البشر. وهي كل يوم تغيّرك. تأكل منك، تقضم من حواشيك، توسع رقعة الخدر في قلبك. وكل يوم تضيف إليك،وتضخّمك، وتدق في قلبك مسامير المتعة والألم. ولكنك متغيّر أبدًا.
في الحياة غصات كثيرة, فيها الموت, وفيها المرض, فيها الخيبة بالأبناء, وفيها الخيبة بالآباء, فيها الشمس التي تحرق القفا، والبرد الذي يشل الأصابع, فيها الموت والقتل وخيانة الصديق، ولكننا نتحملها، إن شراً وإن خيراً نتحملها, ما دمنا نستطيع الإنتحار، فلابد من تحملها، و لابد من الإدعاء بالجلد والبطولة في تحملها .
لا أصدق أحداً ، ولا أدعي الصدق لـ احد ، ابكي بعض الليالي ، ولكني أضحك كثيراً .
يصبح الألم جزءًا من الكيان، يعايش القلب والذهن، ويبدو أحيانًا، على نحو يناقض المنطق والعقل، كأنه فرح مقيم ! كلنا عرضة لهذه الماسوكية العاطفية. ما دمنا نحمل التجربة كالمرض طي الإهاب، فلم لا نتحايل عليها ونجعلها مصدرًا لأحلام اليقظة، مصدرًا للقصائد غير المنظومة التي تهدر في النفس على غير انتظار ؟ .
مع كل احترامي, فإن مستقبل العالم يقلقني, يقلقني جدًا, أكثر مما يقلقني مستقبل حقل الدواجن . لحقل الدواجن كم يقلق عليه؛ ربّ العمل, زوجته, شركاؤه.. والربح فيه مضمون لهم جميعًا. أما العالم, فإذا لم نقلق نحن عليه, إذا لم أقلق أنا عليه, فمن يقلق؟ .. أما الربح فليس مضمونًا لأحد؛ لا بأس .. لكم أنتم حقلكم وأرباحه, ولي أنا العالم, مستقبله, وخسائره .
في عالم من الرعب والقتل والجوع والكراهيه كيف تجد توازنك الذهني أو النفسي أو الجسدي او الاجتماعي -سمه ما شئت- دون أن تشعر بأنك تقف من الإنسانية على طرف بعيد ؟ كيف تكون إنسانياً وتتخطى المشاكل الإنسانية؟ التوازن بالطبع كان سراباً يغري ولكنه لا يخدع طويلا .
مسكينة القيم كلها حين لا تصدر ألا عن هزيمة حياه .
رغم المصاعب والآلام والأزمات، لعلني من النوع الذي يصر على التفاؤل، ولو اني أعتقد أن التفاؤل في معظم الاحوال حماقة وقصر نظر، في الايام الأخيرة ضعف اصراري، أشعر ان زحف الظلام جولي، عليّ، يشتد يوما بعد يوم .
ليس الإنسان جزيرة مستقلة بذاتها، نعم، ولكن أى برزخ ضيق يصل بينه وبين الآخرين؟ وعبر أى بحر هائج يقوم هذا البرزخ؟.
التوازن. كيف؟ علي اية نقطة من نقاط الخط المتعرج الرجراج يقيمه، وعالمه زلق، مقلقل، في صعود وهبوط مستمرين يتخطيان العقل والمنطق؟ .
المأساة ليست في أننا نموت، بل في أننا نموت دون أن نعيش حقًا.
اقرآ أيضا: أجمل اقتباسات وأقوال الشاعر والروائي د. أيمن العتوم
اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا عن الفن، الكتابة، والإبداع
في حياة كل إنسان أمور لا يتحدث عنها, ولكنها تؤثّر في نمط معيشته, في مواقفه, في آرائه .
عندما أكتب ؛ أغرق .
تمنيت لو أستعلي على البشر ، على همومهم ، حقارتهم ، قسوتهم ، ولكنني أخفقت . شيء ما يستطرد بي إلى ما أعجز عن إدراك كنهه . شيء شارد، تحس به الحواس كلها .
أنا أعرف أنني لا أستطيع أن أنقطع عن الدنيا، ولكني سأحاول الانقطاع عنها، لأكون على صلة أشد بها .
المتحدث لا تتجلّى قريحته إلا بوجود متحدث متجلي القريحة معه: فإذا أردت أن ينطفئ المتحدّث, فأحضر إليه غبيًا يحاوره .
الفن يشير إلى تحرر الإنسان في ساعات إبداعه ليعطي مذاق الحرية للآخرين إلى الأبد .
لماذا نريد دائماً أن نبرهن على جهلنا؟ .
بالنسبة إليّ، كانت الكتابة، مع الرسم أحيانًا ، ضرورية ضرورة الحب، ضرورة الصداقات ، ضرورة الماء والخبز. وهذا كله كانت لميعة تعرفه، وتحرص عليه، وراحت دون أن تتحدث فيه توفر جوّه لي، بتلقائية وذوق، مع كثير من التضحية .
و حتى لو جلجلت الكلمات كما تجلجل أجراس الكنائس ما نفعها إذا لم تملأ مسامع الناس .
وكانت تلك تجربة مبكرة أخرى لأمر تكرر فيما بعد في حياتي، كلما غوفلت: تعطي بعضهم لؤلؤة ظنًا منك بأنك تهيّئ لهم تجربة لمتعة ذهنية فذّة، ثم تُذهل إذ تراهم يلقون بها بتصميم إلى الخنازير، متباهين بعماهم، فرحين بغبائهم .
الفن هو محاولة الإنسان اليائسة لإضفاء معنى على وجود لا معنى له.
اقرأ أيضا: اقتباسات إبراهيم نصرالله: رحلة مع قلم الذاكرة والوطن
اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا عن الوطن، الغربة، والإنسان
لا أقول هذا الكلام تحريضا أو اثارة. لا لست على هذه الدرجة من الرعونة ، وما عدت بسذاجة صباي أعتبر نفسي نبيا أو قديسا عليه أن يبشر ويدعو .أنا انما فقدت الثقة ، وأوشك الآن أن أنسحب بهدوء من المسرح دون أن يحس بي أحد، ودون رغبة من أي نوع .
لا بأس من أن يساورك الشعور بالإثم، فهذا معناه أن ذهنك نابض، وقلبك نابض، وأحاسيسك نابضة .
ولكن ليس لها إلا ما تعطيه ، كـ ممثلة نست دورها وبقيت واقفة على الخشبة ، ليس لها إلا وجهها وقوامها .
الفلسطينيون كلهم شعراء. بالفطرة. قد لا يكتبون شعرًا، ولكنهم شعراء، لأنهم عرفوا شيئين اثنين هامّين. جمال الطبيعة، والمأساة ومن يجمع بين هذين، لا بد أن يكون شاعرًا .
تسليط الأرهاب او التهادن مع من يسلطه دليل على عدم إيمانك بالانسان مهما أدعيت العكس .
الغربة نفسها هي غربة عن مكان، عن جذور، وهذا هو جوهر الأمر. الأرض. الأرض هي كل شيء. نعود إليها محمّلين باكتشافاتنا. ما دمنا معلّقين من أهدابنا بالسحب الراكضة، فإننا في فردوس المجانين هذا. نهرب، نهرب باستمرار. وعلينا الآن أن نعود إلى الأرض، حتى لو اضطررنا فيما بعد إلى انطلاق جديد. يجب أن تكون لنا تحت أقدامنا أرض صلبة، نحبها، ونخاصمها، ونهجرها لشدة ما نحبها ونخاصمها، فنعود إليها .
كلهم في حيرة، هؤلاء الذين هم دون الثلاثين. ويحسبون أننا وجدنا طريقنا، وانتهت حيرتنا، لأننا سبقناها إليهم بعشرة أعوام أو خمسة عشر عاما.
نحن يكفينا أن يقال بغداد، لترقص فينا الأضلع نفسها .
في كل منفى، هناك وطن يولد من جديد في الذاكرة.
خاتمة

في نهاية هذه الرحلة العميقة والممتدة في اقتباسات وأقوال جبرا ابراهيم جبرا ، نكتشف أن كلماته وأفكاره ليست مجرد انعكاسات أدبية، بل هي سجل حي لتجربة المثقف العربي الحديث وتعبير عن نضاله المستمر مع قضايا الذاكرة، المنفى، والهوية. هذا الكاتب الفلسطيني الذي يحمل في طيات فكره آفاقًا كونية، استطاع، بعقله المتنوع وإبداعه الغني، أن يقدم لنا تصورًا فريدًا للحداثة العربية. تصور ينبع من التراث ويتفاعل مع الغرب، لكنه يظل مرتبطًا بعمق بآمال الإنسان العربي وهمومه. كلمات جبرا إبراهيم جبرا تمثل خلاصة عقلٍ متبحر، وإحساسٍ دافق، ويقينٍ راسخ بقدرة الفن على أن يكون وسيلة للمقاومة وأداة للخلاص.
إرسال التعليق